السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
عزيزي بوسعد,
أولا وقبل أن أذكر لك المصادر التي نقلت هذه الخطبة الفدكية البليغة
ألا ترى معي أن هذه الخطبة التي ألقتها البضعة الطاهرة المطهرة
فاطمة الزهراء (صلوات الله عليها وعلى أبيها)
والتي هي القرآن الناطق كلام معجز متماسك فوق كلام البشر؟
هل ترى هذا الكلام الذي قالته فاطمة (عليها السلام)
هو كلام شاعر أو أن شخصا فصيحا يقدر على وضعه وصياغته؟
فأي شخص عادل وليس به جنون البقر ولا حاقد قد ختم الله على قلبه
سيعلم أن هذه الخطبة البليغة ليست إلا كلام معصوم ما ينطق عن الهوى
وفاطمة الزهراء (عليها السلام) من أهل الذكر أهل البيت (عليهم السلام)
وأهل البيت أعلم بالقرآن من غيرهم وهم العارفين بالآيات وتأويلها
فأبو بكر لم يستطع تكذيب فاطمة (صلوات الله عليها) فهو ادعى في النهاية
أن القوم أعطوه ما أعطوه وقلدوه ما تقلد وأن عليها أن تعاتبهم ولا تعاتبه
وفاطمة (عليها السلام) لم تدع له حجة ليحتج بها
وقد كذبت الحديث المفترى الذي نسبه أبو بكر لأبيها (صلى الله عليه وآله وسلم)
وبينت بأن ذلك الحديث لا يمكن أن يقوله النبي (ص) لأنه يتعارض مع كتاب الله
وكلام النبي (ص) لا يمكن أن يتعارض مع قول الله عز وجل لأن المصدر واحد
وهو الله عز وجل. فالنبي (ص) ما ينطق عن الهوى.
وإذا كانت النبوة بالوراثة فكيف الحال بابن النبي نوح (عليه السلام) الذي أهلكه الله عز وجل؟ ألا يرث النبوة من أبيه؟
وماذا عن هابيل وقابيل ألا يرثان النبوة من أبيهما آدم (عليه السلام) أم أن هابيل لم يكن صالحا؟
وأبناء النبي يعقوب (عليه السلام) لماذا أخوهم يوسف (عليه السلام) كان نبيا بينما أخوته لم يكونوا أنبياء؟
وهل أصبح جميع أبناء الإمام علي (ع) أئمة أم أن الله سبحانه وتعالى اصطفى حسنا وحسينا لمقام الإمامة؟
فاتصالهم بذرية الأنبياء هذا أمر لا شك فيه فهذه مشيئة الله عز وجل وحكمته أن يجعل نسبهم متصل.
فالمرجفين المشككين في أن أبو طالب وعبد المطلب قد ماتا على الكفر
لم يتدبروا قول الله تعالى:
( الَّذِي يَرَاكَ حِينَ تَقُومُ , وَتَقَلُّبَكَ فِي السَّاجِدِينَ )
الشعراء / الآية (218-219)
ومع أنني لم أشأ أن أن أجيب على سؤالك حول مصادر هذه الخطبة وهل هي صحيحة أم لا
وذلك لما لفاطمة الزهراء (عليها السلام) المظلومة من حساسية كبيرة وحراررة في قلوب شيعتها
فهذه الخطبة ليست للعميان الذين على قلوبهم غشاوة
فالعميان ليسوا بحاجة للمصادر لكي يصدقوا, فهم لم يأتوا ليروا الحق حقا فيتبعوه
فاعرف الحق تعرف أهله, ولعلمك فإن بعض المصادر مروية عن عائشة
فأنت تردد كلام أبي بكر, وغضضت بصرك علن رد فاطمة بنت رسول الله وعن البراهين الساطعة البينة من كتاب الله التي استشهدت بها البضعة الطاهرة, وأخذت تشكك في أنها عن فاطمة (صلوات الله عليها), فوالله لتردن مورد شيخك وسيدك على تجرئك على بنت رسول الله التي هي من أهل الذكر. ومن الذين قال فيهم رسول الله (ص) (لا تعلموهم فهم أعلم منكم).
أليس للذكر مثل حظ الانثيين؟ أنزلت آية تستثني منها فاطمة بنت رسول الله؟
وفي موضوع فدك ألم يقم النبي بإهداء فدك لفاطمة (عليها السلام) في حياته؟
ألا وَقَدْ قُلْتُ ما قُلْتُ عَلى مَعْرِفَةٍ مِنّي بِالْخَذْلَةِ الَّتِي خامَرَتْكُمْ، وَالغَدْرَةِ التِي اسْتَشْعَرَتْها قُلُوبُكُمْ، وَلكِنَّها فَيْضَةُ النَّفْسِ، وَنَفْثَةُ الْغَيْظِ، وَخَوَرُ الْقَنا، وَبَثَّةُ الصُّدُورِ، وَتَقْدِمَةُ الْحُجَّةِ.
فَدُونَكُمُوها فَاحْتَقِبُوها دَبِرَةَ الظَّهْرِ، نَقِبَةَ الْخُفِّ، باقِيَةَ الْعارِ، مَوْسُومَةً بِغَضَبِ اللهِ وَشَنارِ الْأَبَدِ، مَوْصُولَةً بِنارِ اللهِ الْمُوقَدَةِ الَّتِي تَطَّلِعُ عَلَى الْأَفْئِدَةِ. فَبعَيْنِ اللهِ ما تَفْعَلُونَ {وَسَيَعْلَمُ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَيَّ مُنقَلَبٍ يَنقَلِبُونَ}، وَأَنَا ابْنَةُ نَذِيرٍ لَكُمْ بَيْنَ يَدَيْ عَذابٍ شَديدٍ، ف {اعْمَلُواْ عَلَى مَكَانَتِكُمْ إِنَّا عَامِلُونَ , وَانتَظِرُوا إِنَّا مُنتَظِرُونَ}.
أَيُهَا الْمُسْلِمونَ أاُغْلَبُ عَلى ارْثِيَهْ يَا ابْنَ أبي قُحافَةَ! أفي كِتابِ اللّهِ أنْ تَرِثَ أباكَ، وِلا أرِثَ أبي؟ {لَقَدْ جِئْتِ شَيْئًا فَرِيًّا}، أَفَعَلى عَمْدٍ تَرَكْتُمْ كِتابَ اللّهِ، وَنَبَذْتُمُوهُ وَراءَ ظُهُورِكُمْ، اذْ يَقُولُ: {وَوَرِثَ سُلَيْمَانُ دَاوُودَ}، وَقالَ فيمَا اقْتَصَّ مِنْ خَبَرِ يَحْيَي بْنِ زَكَرِيّا عليهما السلام اذْ قالَ رَبِّ {فَهَبْ لِي مِن لَّدُنكَ وَلِيًّا , يَرِثُنِي وَيَرِثُ مِنْ آلِ يَعْقُوبَ} وَقَالَ: {وَأُوْلُواْ الأَرْحَامِ بَعْضُهُمْ أَوْلَى بِبَعْضٍ فِي كِتَابِ اللّهِ} وَقالَ: {يُوصِيكُمُ اللّهُ فِي أَوْلاَدِكُمْ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الأُنثَيَيْنِ} وقال: {إِن تَرَكَ خَيْرًا الْوَصِيَّةُ لِلْوَالِدَيْنِ وَالأقْرَبِينَ بِالْمَعْرُوفِ حَقًّا عَلَى الْمُتَّقِينَ}، وزَعَمْتُمْ أَلَا حِظوَةَ لِي، وَلا إرْثَ مِنْ أبي لارَحِمَ بَيْنَنَا!
أَفَخَصَّكُمُ اللهُ بِآيَةٍ أخْرَجَ مِنْها أبِي؟ أمْ هَلْ تَقُولًونَ أَهْلُ مِلَّتَيْنِ لا يَتَوارَثَانِ، وَلَسْتُ أَنَا وَأَبِي مِنْ أَهْلِ مِلَّةٍ واحِدَةٍ؟! أَمْ أَنْتُمْ أَعْلَمُ بِخُصُوصِ الْقُرْآنِ وَعُمُومِهِ مِنْ أَبِي وَابْنِ عَمّي؟ فَدُونَكَها مَخْطُومَةً مَرْحُولَةً. تَلْقاكَ يَوْمَ حَشْرِكَ، فَنِعْمَ الْحَكَمُ اللهُ، وَ الزَّعِيمُ مُحَمَّدٌ، وَالْمَوْعِدُ الْقِيامَةُ، وَعِنْدَ السّاعَةِ ما تَخْسِرُونَ، وَلا يَنْفَعُكُمْ إذْ تَنْدَمُونَ، {لِّكُلِّ نَبَإٍ مُّسْتَقَرٌّ وَسَوْفَ تَعْلَمُونَ}
,{فَسَوْفَ تَعْلَمُونَ مَن يَأْتِيهِ عَذَابٌ يُخْزِيهِ وَيَحِلُّ عَلَيْهِ عَذَابٌ مُّقِيمٌ}
فَقَالَتْ عليها السلام: سُبْحانَ اللهِ! ما كانَ رَسُولُ اللهِ صلّى الله عليه وآلهِ عَنْ كِتابِ الله صادِفاً، وَلا لِأَحْكامِهِ مُخالِفاً، بَلْ كانَ يَتَّبعُ أَثَرَهُ، وَيَقْفُو سُورَهُ، أَفَتَجْمَعُونَ إلى الْغَدْرِ اْغتِلالاً عَلَيْهِ بِالزُّورِ ؛ وَهذا بَعْدَ وَفاتِهِ شَبِيهٌ بِما بُغِيَ لَهُ مِنَ الْغَوائِلِ فِي حَياتِهِ. هذا كِتابُ اللهِ حَكَماً عَدْلاً، وَناطِقاً فَصْلاً، يَقُولُ:
{يَرِثُنِي وَيَرِثُ مِنْ آلِ يَعْقُوبَ} ،{وَوَرِثَ سُلَيْمَانُ دَاوُودَ} فَبَيَّنَ عَزَّ وَجَلَّ فيما وَزَّعَ عَلَيْهِ مِنَ الأَقْساطِ، وَشَرَّعَ مِنَ الفَرايِضِ وَالميراثِ، وَأَباحَ مِنْ حَظَّ الذُّكْرانِ وَالإِناثِ ما أَزاحَ عِلَّةَ المُبْطِلينَ، وأَزالَ التَّظَنّي وَالشُّبُهاتِ في الغابِرينَ، كَلاّ {بَلْ سَوَّلَتْ لَكُمْ أَنفُسُكُمْ أَمْرًا فَصَبْرٌ جَمِيلٌ وَاللّهُ الْمُسْتَعَانُ عَلَى مَا تَصِفُونَ} فَقالَ أَبو بَكْرٍ: صَدَقَ اللهُ وَرَسولُهُ، وَ صَدَقَتِ ابْنَتَهُ؛ أَنْتِ مَعْدِنُ الحِكْمَةِ، وَمَوْطِنُ الهُدى وَ الرَّحْمَةِ، وَرُكْنُ الدِّينِ وَعَيْنُ الحُجَّةِ، لا أُبْعِدُ صوابَكِ، وَلا أُنْكِرُ خِطابَكِ هؤلاءِ المُسْلِمونَ بَيْنِيَ وبَيْنَكِ، قَلَّدوني ما تَقَلَّدْتُ، وَ باتِّفاقٍ مِنْهُمْ أَخَذْتُ ما أَخَذْتُ غَيْرَ مُكابِرٍ وَلا مُسْتَبِدٍّ وَلا مُسْتَأْثِرٍ، وِهُمْ بِذلِكَ شُهودٌ.
فَالتَفَتَتْ فاطِمَةُ عَلَيْها السَّلام وَقالَتْ: مَعاشِرَ النّاسِ المُسْرِعَةِ إِلى قِيلِ الباطِلِ، المُغْضِيَةِ عَلى الفِعْلِ القَبيحِ الخاسِرِ {أَفَلَا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ أَمْ عَلَى قُلُوبٍ أَقْفَالُهَا} كَلاّ بَلْ رانَ عَلى قُلوبِكُمْ ما أَسَأتُمْ مِنْ أَعْمالِكُمْ، فَأَخَذَ بِسَمْعِكُمْ وَأَبْصارِكُمْ، وَ لَبِئْسَ ما تَأَوَّلْتُمْ، وَساءَ ما أَشَرْتُمْ، وشَرَّ ما مِنْهُ اعتَظْتُمْ، لَتَجِدَنَّ _ وَاللهِ_ مَحْمِلَهُ ثَقيلاً، وَ غِبَّهُ وَبيلاً إِذا كُشِفَ لَكُمُ الغِطاءُ، وَبانَ ما وَراءَهُ الضَراءُ، {وَبَدَا لَهُم مِّنَ اللَّهِ مَا لَمْ يَكُونُوا يَحْتَسِبُونَ} , {وَخَسِرَ هُنَالِكَ الْمُبْطِلُونَ}.
ومه أننا لا نرى حاجة لذكر المصادر لأن البصير لا يسأل عن المصادر بعد أن يقرأ هذه الخطبة.
مصاادر الخطبة :
1 - السيد مرتضى علم الهدى المتوفي 436 في كتاب ( الشافي ) يروي هذه الخطبة باسناده عن عروة عن عائشة .
2 - السيد ابن طاووس في كتاب ( الطرائف ) باسناده عن الزهري عن عائشة .
3 - الشيخ الصدوق باسناده عن زينب بنت علي عليهما السلام .
4 - ويروي بطريق آخر باسناده عن زيد بن علي الشهيد عن عمته زينب بنت علي عن أمها فاطمة الزهراء عليها السلام .
5 - وهكذا يروي باسناده عن أحمد بن محمد بن جابر عن زينب بنت علي علهما السلام .
6 - ابن أبي الحديد في شرحه على نهج البلاغة يروي عن كتاب ( السقيفة ) تأليف أحمد بن عبد العزيز الجوهري بأربعة طرق .
( أ ) باسناده عن رجال من أهل البيت عن زينب بنت علي عليها السلام .
( ب ) باسناده عن الإمام الصادق جعفر بن محمد عليهما السلام .
( ج ) باسناده عن الإمام الباقر بن علي عليهما السلام .
( د ) باسناده عن عبد الله بن الحسن عليهما السلام .
7 - علي بن عيسى الأربلي في كتابه ( كشف الغمة ) يروي عن كتاب ( السقيفة ) للجوهري .
8 - المسعودي في ( مروج الذهب ) يشير إلى هذه الخطبة .
9 - الطبرسي في كتاب ( الاحتجاج ) .
10 - أحمد بن أبي طاهر في كتاب ( بلاغات النساء ) إلى غير هؤلاء ممن يطول الكلام بذكرهم ، وإسناد هذه الخطبة إلى السيدة فاطمة الزهراء عليها السلام من الأمور المسلمة عند أهل العلم من المؤرخين وغيرهم .
والمزيد (
هنا )
وإليك هذا أيضا من مناظرة ابن رسول الله (ص) الإمام علي بن موسى الرضا (عليه السلام) مع أرباب المذاهب الإسلامية الذين اجتمعوا بكل ما لديهم في مجلس المأمون لمناظرته
قال الإمام الرضا ( عليه السلام ) :
وأمّا الخامسة : فقولُ الله عزَّ وجلَّ : ( وَآتِ ذَا الْقُرْبَى حَقَّهُ ) خصوصية خصَّهم الله العزيز الجبّار بها ، واصطفاهم على الأُمّة ، فلمّا نزلت هذه الآية على رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) قال : ادعوا لي فاطمة فدعوها له .
فقال : يا فاطمة ، قالت : لبيّك يا رسول الله ، فقال : إنَّ فدك لم يُوجَف عليها بخيل ولا ركاب ، وهي لي خاصَّة دون المسلمين ، وقد جعلتها لك لما أمرني الله به فخُذيها لك ولولدك ، فهذه الخامسة .
قال ( عليه السلام ) : ( من قول الله : ( وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا نُوحًا وَإِبْرَاهِيمَ وَجَعَلْنَا فِي ذُرِّيَّتِهِمَا النُّبُوَّةَ وَالْكِتَابَ فَمِنْهُم مُّهْتَدٍ وَكَثِيرٌ مِّنْهُمْ فَاسِقُونَ ) ، فصارت وراثة النبوَّة والكتاب في المهتدين دون الفاسقين ، أمّا علمتم أنَّ نوحاً سأل ربّه ، ( فَقَالَ رَبِّ إِنَّ ابُنِي مِنْ أَهْلِي وَإِنَّ وَعْدَكَ الْحَقُّ ) ، وذلك أنَّ الله وعده أن ينجيه وأهلَه ، فقال له ربُّه تبارك وتعالى : ( إِنَّهُ لَيْسَ مِنْ أَهْلِكَ إِنَّهُ عَمَلٌ غَيْرُ صَالِحٍ فَلاَ تَسْأَلْنِ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنِّي أَعِظُكَ أَن تَكُونَ مِنَ الْجَاهِلِينَ ) .
فقال المأمون : فهل فضَّل الله العترة على سائر الناس ؟
فقال الرضا ( عليه السلام ) : ( إنَّ الله العزيز الجبّار فضّل العترة على سائر الناس في محكم كتابه ) .
قال المأمون : أين ذلك من كتاب الله ؟
فقال الرضا ( عليه السلام ) : ( في قوله تعالى : ( إِنَّ اللّهَ اصْطَفَى آدَمَ وَنُوحًا وَآلَ إِبْرَاهِيمَ وَآلَ عِمْرَانَ عَلَى الْعَالَمِينَ ذُرِّيَّةً بَعْضُهَا مِن بَعْضٍ ) ، وقال الله في موضع آخر : ( أَمْ يَحْسُدُونَ النَّاسَ عَلَى مَا آتَاهُمُ اللّهُ مِن فَضْلِهِ فَقَدْ آتَيْنَآ آلَ إِبْرَاهِيمَ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَآتَيْنَاهُم مُّلْكًا عَظِيمًا ) .
ثمّ ردَّ المخاطبة في أثر هذا إلى سائر المؤمنين فقال : ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ أَطِيعُواْ اللّهَ وَأَطِيعُواْ الرَّسُولَ وَأُوْلِي الأَمْرِ مِنكُمْ ) ، يعني الذين أورثهم الكتاب والحكمة وحُسِدوا عليهما بقوله : ( أَمْ يَحْسُدُونَ النَّاسَ عَلَى مَا آتَاهُمُ اللّهُ مِن فَضْلِهِ فَقَدْ آتَيْنَآ آلَ إِبْرَاهِيمَ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَآتَيْنَاهُم مُّلْكًا عَظِيمًا ) ، يعني الطاعة للمصطفين الطاهرين ، والمُلْكُ هاهنا الطاعة لهم ) .
قالت العلماء : هل فسَّر الله تعالى الاصطفاء في الكتاب ؟
فقال الرضا ( عليه السلام ) : ( فسَّر الاصطفاء في الظاهر سوى الباطن في اثني عشر موضعاً ، فأوّل ذلك قول الله : ( وَأَنذِرْ عَشِيرَتَكَ الْأَقْرَبِينَ ) ـ ورهطك المخلصين ـ هكذا في قراءة أُبيّ بن كعب ، وهي ثابتةٌ في مصحف عبد الله بن مسعود ، فلمّا أمر عثمان زيدَ ابن ثابت أن يجمع القرآن خَنَسَ هذه الآية ، وهذه منزلةٌ رفيعة وفضلٌ عظيم ، وشرف عال حين عنى الله عزَّ وجلَّ بذلك الآل ، فهذه واحدة .
والآية الثانية في الاصطفاء قول الله : ( إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا ) ، وهذا الفضل الذي لا يجحده معاند لأنَّه فضلٌ بيِّن .
والآية الثالثة حين ميَّز الله الطاهرين من خلقه أمر نبيَّه في آية الابتهال ، فقال : ( فَقُلْ تَعَالَوْاْ نَدْعُ أَبْنَاءنَا وَأَبْنَاءكُمْ وَنِسَاءنَا وَنِسَاءكُمْ وَأَنفُسَنَا وأَنفُسَكُمْ ثُمَّ نَبْتَهِلْ فَنَجْعَل لَّعْنَةُ اللّهِ عَلَى الْكَاذِبِينَ ) ، فأبرز النبي ( صلى الله عليه وآله ) عليّاً والحسنَ والحسينَ وفاطمةَ ( عليهم السلام ) فقَرَن أنفسهم بنفسه .
فهل تدرون ما معنى قوله : ( وَأَنفُسَنَا وأَنفُسَكُمْ ) ؟ .
قالت العلماء : عنى به نفسَه .
قال أبو الحسن ( عليه السلام ) : ( غلطتم ، إنّما عنى به عليّاً ( عليه السلام ) ، وممّا يدلُّ على ذلك قولُ النبي ( صلى الله عليه وآله ) حين قال : ( لينتهينَّ بنو وليعةَ ، أو لأبعثنَّ إليهم رجلاً كنفسي ، يعني عليّاً ( عليه السلام ) .
فهذه خصوصيَّة لا يتقدَّمها أحدٌ ، وفضل لا يختلف فيه بشر ، وشرف لا يسبقه إليه خلقٌ ; إذ جعل نفسَ عليٍّ ( عليه السلام ) كنفسه فهذه الثالثة .
مناظرة الإمام الرضا ( عليه السلام ) مع أرباب المذاهب الإسلامية
وإذا شئت كذلك أزيدك ب وصية أبو بكر
وصية أبو بكر ( ثلاث وددت ...) التي اعترف فيها بالهجوم على دار الزهراء
فابحث عنه بنفسك لتعرف ماذا فعله الظالم في حق بنت رسول الله (صلوات الله عليها وعلى أبيها)
قال رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) :
( فاطمة بضعة مني فمن آذاها فقد آذاني ومن آذاها بعد موتي كمن آذاها في حياتي ومن آذني فقد آذى الله )
ثم تلا قوله تعالى: ( إِنَّ الَّذِينَ يُؤْذُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ لَعَنَهُمُ اللَّهُ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَأَعَدَّ لَهُمْ عَذَابًا مُهِينًا )
اللهم صلِّ وسلم على محمد وآل محمد الطيبين الطاهرين
اللهم عجل فرجهم وإلعن أعدائهم من الأولين والآخرين
اللهم إلعن ظالم مولاتنا فاطمة بن رسول الله وضاعف عليه العذاب الأليم
{أَلاَ تُقَاتِلُونَ قَوْمًا نَّكَثُواْ أَيْمَانَهُمْ وَهَمُّواْ بِإِخْرَاجِ الرَّسُولِ وَهُم بَدَؤُوكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ أَتَخْشَوْنَهُمْ فَاللّهُ أَحَقُّ أَن تَخْشَوْهُ إِن كُنتُم مُّؤُمِنِينَ}
ألا لعنة الله على الناكثين المنقلبين على أعقابهم
فَنِعْمَ الْحَكَمُ اللهُ، وَ الزَّعِيمُ مُحَمَّدٌ، وَالْمَوْعِدُ الْقِيامَةُ، وَعِنْدَ السّاعَةِ ما تَخْسِرُونَ، وَلا يَنْفَعُكُمْ إذْ تَنْدَمُونَ، {لِّكُلِّ نَبَإٍ مُّسْتَقَرٌّ وَسَوْفَ تَعْلَمُونَ}
,{فَسَوْفَ تَعْلَمُونَ مَن يَأْتِيهِ عَذَابٌ يُخْزِيهِ وَيَحِلُّ عَلَيْهِ عَذَابٌ مُّقِيمٌ}
والسلام